الثورة و (( تغريبة )) تونس إلى أين ؟؟؟
أكثر من نصف قرن ، و الشعب التونسي يعيش ( التغريبة ) في أرضه ،،،
تغريبة بدأها بورقيبة في بدايات القرن الماضي حيث عمِل كلّ جهده في اجتثاث تونس
و شعبها من امتدادها العروبي و الإسلامي و طمس معالم الهويّة العربية و الإسلامية
في مناهج الدراسة و النشاطات الثقافية و الأدبية ..
كما فتح سياساته على الغرب و أوصدها في وجه كل ما هو مشرقي .و صار ينادي ( غلطا)
بجسم اسمه الأمّة التونسية في اشارة الى استقلالية تونس عن حاضنتها و أصولها العربية
و الإسلامية ، ثم ختمها بإصدار مجلّة الكفر و النفاق ، مجلّة الأحوال الشخصية و أحاطها بهالات من التلميع و تجمّعات نسوية و اتحادات تروّج لما أسماه حريّة المرأة حتى أن أرشيفه
المصوّر يظهر كيف أنّه نزع غطاء امرأة في إشارة منه الى السقور ...
ثم جاءت حقبة بن علي الذي وجد أرضيّة سانحة لمواصلة هذا المشوار فزاد في محاربة
الإسلام و ضيّق الحريّات الدينيّة و جرّم كل امرأة تلتزم باللباس الشرعي بل بثّ مجموعات من المخبرين السريين في هذا المجال لا عمل لهم الاّ ملاحقة كل من يحاول التمسّك بمباديء الشريعة ، كما وضع رقابة صمّاء على النشريات و المنابر و الكتب حتى أصبحت جريمةمن
يحمل أو يروّج هذا النوع من الكتب توازي أحيانا ترويج المخدرات ...
هذا الأمر زاد حدّة بغطاء ( محاربة الإرهاب ) فأصدر القوانين علنا و حاكم الشباب حتى على مجرّد الشّبهة أو القرابة العائلية لمنتمي الى تيّار ديني ،، بل تطوّرت الإجراءات الى
تصنيف المواطنين حسب انتماءاتهم الدينية و اتخاذ كلّ السّبل لإقصاءهم من الوظيفة العمومية أو حتى الانتصاب الحرّ لطلب لقمة العيش ...
جاءت الثورة ، و حصل التغيير و استبشر بنتائجه كل الشعب و بعد جولات معروفة
انتصبت حكومة انتقالية لقيادة المرحلة و اعدة الاعتبار للدستور و القوانين ....
لكن المحزن و اللافت للنظر غياب الإتيان على الدين و الهويّة ، و لم نرى أصواتا ذات أهميّة على الساحة تطرح هذه المواضيع على أهميتها ! كذلك الحكومة المنتصبة لم يظهر
منها ما يفيد و لكن العكس هو الصحيح إذ أن الماسكين بالدواليب الآن أو الطّالبين للسلطة
يدينون باللائيكية أو التوجّه الشيوعي و في أحسن حالاتهم لا انتماء و لا رأي لهم ..
و لهذا بقي الحال على ما هو عليه برغم حياده عن المطلوب :
قانون المساجد الجائر و منع الدروس بها مازال قائما وقد لا يُفتح الحديث حوله .
قانون الحجاب بقي من المسكوت عليه .
مجلّة الأحوال الشخصية و التي خروج عن شرع الله و تمسّك بقوانين دخيلة و وضعية
وجدت من يمجّدها و يعتبرها مكسبا لابد من الحفاظ عليه .
العروبة و جذور الانتماء لم يتطرّق لها لا أشخاص و لا أحزاب ...
و هنا يحقّ لنا أن نسأل و بمرارة أين التشكيلات التي كانت تدّعي رفع لواء الإسلام
و شنّفت آذاننا من خارج الوطن بأنّها تعاني الأمرّين في سبيل هذا و أنّها مشرّدة
و لها وزنها في المجتمع و رصيدها القاعدي كبير ؟؟
أين دعاة العروبة و القومية و المنادين بضرورة الرجوع الى الحاضنة العربية ؟؟
و أين قادة و شعوب الدول العربية ؟
معظمهم لاذوا بالصمت الرهيب هم و جامعتهم العربية التي أخرجت تصريحا باهتا
و خافتا ،،،
أما أحسن القادة العرب فقد توجّه الى الشعب التونسي بخطاب بائس ينتقد فيه الثورة الشعبية
بل رجّح مصلحة صديقه المخلوع على شعب بأكمله و هو الذي نادى حتى أصمّ آذاننا
بنظرياته الثورية و مناصرة الشعوب ضد الظلم و الطغيان ...
أين دعاة العالم الإسلامي ؟
أليس هنا يكمن واجبا شرعيا في الإحساس بجزء من الأمّة
و توجيه الخطاب الى هذا الشعب لمناصرته و العمل على إصلاح ما أفسده الحكّام السابقون فيه ، ألا يوجّهون طاقاتهم و قنواتهم لإحتضان هذا الشعب و إخراجه من تغريبته التي يعيشها من سنين حتى ضاعت منه كثير من المفاهيم الإسلامية و تبدّلت أخرى بعامل التعتيم الذي
مارسه الحكم السابق ...
ألم يرثي بعضهم حال شعب تونس و قال أن : تونس في حاجة الى فتح جديد !!
إذا بقي الحال على ما هو عليه فإن هذا الشعب سيُغلب على أمره مهما أوتي من قوّة
و إصرار و يزداد الأمر تعكّرا عند دخول قوى الشر و الاستعمار على الخط ، ابتداء من
أمريكا إلى فرنسا و ربما إسرائيل !!
عندها ( و كأنّك يا بوزيد ما غزيت) سترجع تونس الى ما كانت عليه ...
بقلمي / منجي باكير 25.10.2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق